حالة الطفل أثناء وقوع الطلاق بين الأبوين: رحلة مليئة بالتحديات
يُعدّ الطلاق من الأحداث المؤلمة التي قد تمر بها العائلة، ولا يقتصر تأثيرها على الزوجين فقط، بل يمتد ليشمل الأبناء الذين يجدون أنفسهم في خضمّ صراعٍ وتغييراتٍ جذريةٍ في حياتهم. يمثل وضع الطفل أثناء وبعد الطلاق مرحلة حساسة تتطلب فهمًا عميقًا وتعاملاً حكيمًا من الأهل والمحيطين.
التأثيرات النفسية والسلوكية على الطفل:
تختلف ردود فعل الأطفال تجاه طلاق الوالدين باختلاف أعمارهم وشخصياتهم وظروفهم، ولكن هناك بعض المشاعر والتحديات المشتركة التي قد يواجهونها:
* الشعور بالخسارة والفقد: لا يقتصر الأمر على فقدان أحد الوالدين من المنزل بشكل دائم، بل يشمل أيضًا فقدان الاستقرار والأمان الذي كان يشعر به الطفل في ظلّ العائلة المتماسكة.
* الشعور بالذنب والمسؤولية: قد يعتقد الطفل أنه بطريقة ما مسؤول عن انفصال والديه، خاصةً إذا كان قد سمع شجارات أو خلافات بينهما.
* الغضب والاستياء: قد يشعر الطفل بالغضب تجاه أحد الوالدين أو كليهما، وقد يعبّر عن ذلك بسلوكيات عدوانية أو انسحابية.
* القلق والخوف: قد ينتاب الطفل شعور بالقلق من المستقبل ومن التغييرات التي ستطرأ على حياته، مثل تغيير مكان السكن أو المدرسة أو نمط الحياة.
* الاكتئاب والحزن: قد يعاني الطفل من مشاعر الحزن والاكتئاب وفقدان الشهية وصعوبة النوم.
* التراجع الدراسي والاجتماعي: قد يؤثر الوضع على أداء الطفل في المدرسة وعلاقاته مع أصدقائه.
مراحل تأثير الطلاق على الطفل:
يمرّ الطفل بمراحل مختلفة من التأثر بالطلاق، تبدأ بفترة ما قبل الطلاق التي تشهد التوتر والخلافات بين الوالدين، ثم فترة الانفصال الفعلي، وأخيرًا مرحلة ما بعد الطلاق والتكيف مع الوضع الجديد.
* المرحلة الحادة (ما قبل الطلاق): تشهد هذه المرحلة أعلى مستويات التوتر والقلق لدى الطفل، حيث يشعر بالخلافات والمشاكل بين والديه.
* المرحلة الانتقالية (أثناء وبعد الطلاق): يحاول الطفل في هذه المرحلة التكيف مع الوضع الجديد وترتيبات المعيشة والزيارة.
* مرحلة التكيف: يبدأ الطفل بالتعود على الوضع الجديد وإعادة بناء حياته.
كيف نساعد الطفل على تجاوز هذه المرحلة؟
* التواصل المفتوح والصادق: من الضروري التحدث مع الطفل بصراحة ووضوح حول ما يحدث، مع مراعاة عمره ومستوى فهمه. يجب طمأنته بأنه ليس مسؤولاً عن الطلاق وأنه ما زال محبوبًا من كلا الوالدين.
* الحفاظ على روتين ثابت قدر الإمكان: يساعد الحفاظ على الروتين اليومي للطفل على الشعور بالاستقرار والأمان.
* تجنب الخلافات أمام الطفل: يجب على الوالدين تجنب أي شجارات أو خلافات أمام الطفل، وعدم التحدث بشكل سلبي عن الطرف الآخر.
* توفير الدعم النفسي: إذا لزم الأمر، يمكن اللجوء إلى متخصص نفسي لمساعدة الطفل على تجاوز هذه المرحلة.
* التعاون بين الوالدين: من المهم أن يتعاون الوالدان من أجل مصلحة الطفل، وأن يتفقا على ترتيبات الزيارة والحضانة بشكل يضمن استقرار حياة الطفل.
* إظهار الحب والاهتمام المستمر: يجب على كلا الوالدين إظهار الحب والاهتمام المستمر للطفل، والتأكيد له أنه ما زال محور اهتمامهما.
يمثل الطلاق تجربة صعبة على الأطفال، ولكن من خلال الفهم والدعم والتعاون بين الأهل، يمكن مساعدة الطفل على تجاوز هذه المرحلة بنجاح والتكيف مع الوضع الجديد. من الضروري أن نتذكر دائمًا أن مصلحة الطفل يجب أن تكون الأولوية القصوى في جميع القرارات المتخذة.